تجربة الاقتراب من الموت لم تعد لغزاً بعد الآن
تجربة الاقتراب من الموت
تجربة الاقتراب من الموت لم تعد لغزاً بعد الآن هل سبق لك ورأيت حياتك
تمر أمام عينيك، أو وجدت نفسك متوجهاً نحو ضوء ساطع في نهاية نفق ما؟
حسناً، في حال لم يحدث معك أمر مماثل فلا بد من أنك رأيته في أحد الأفلام أو قرأت عن قصص
أناسٍ عاشوا تجربة مشابهة، وربما شعرت ببعضٍ من الرهبة، فلنكن واقعيين، من قد يود أن يقترب
من الموت ولو لدقائق!؟ لكن لا داعي للقلق عزيزي، فقد اتضح أن هذه الأحداث الغريبة
ما هي إلا نتيجة لخلل في وظائف الناقل العصبي دوبامين وتدفق الأكسجين.
قد يكون من الصعب تصديق ذلك، ولكن أكمل قراءة هذا المقال الكفيل بتغيير رأيك.
لطالما اعتُبرت تجربة الاقتراب من الموت ظاهرة غامضة ومحيرة، لكن أظهر بحث أن هناك تفسير
علمي لجميع الخصائص المعروفة لهذه الظاهرة. ما يحدث خلال تجربة الاقتراب من الموت يُعرف
على نطاق واسع ويشمل الاحساس بكونك ميت، الشعور بروحك تغادر جسدك، الحركة باتجاه ضوء ساطع، والانفصال نحو واقع مختلف يغمرك بالحب والنعيم.
تجربة الاقتراب من الموت
تقريبا 3% من سكان الولايات المتحدة اعترفوا بمرورهم بهذه التجربة. ليس هذا فقط بل إنه تم توثيق هذه التجارب عبر الحضارات، وهناك سجلات مكتوبة تعود للعصر اليوناني القديم. بالرغم من أن معظم هذه التجارب لا يتزامن حصولها مع وجود خطر حقيقي للموت، لكن في بعض الحالات اعتقد الأشخاص أنهم كانوا فعلاً في خطر.
معظم الظواهر المرتبطة بتجارب الاقتراب من الموت يمكن تفسيرها بيولوجياً
هذا ما صرح به عالم الأعصاب ”دين مابز“ من مجلس البحث الطبي في جامعة كامبردج.
لكن هل هذا ممكن حقاً؟
نعم بالطبع، فعلى سبيل المثال، الشعور بكونك ميتاً لا يقتصر على تجربة الاقتراب من الموت، فالمرضى بمتلازمة كوتار (متلازمة الجثة المتحركة) لديهم اعتقاد وهمي بأنهم موتى. هذا المرض عادة يتبع صدمة، وتم ربطه ببعض المناطق في الدماغ كالقشرة الجدارية المسؤولة عن عمليات الانتباه والقشرة الجبهية المرتبطة بالأوهام التي تتم ملاحظتها في أمراض نفسية أخرى كالفصام. مع أن الآلية المسببة للمتلازمة ما زالت غير معروفة إلا أنه من المحتمل أن المرضى يحاولون جعل التجارب الغريبة التي يمرون بها منطقية.
ظاهرة أخرى وهي الخروج من الجسد والشائعة خلال أنماط النوم المتقطعة حيث تسبق الاستيقاظ أو النوم مباشرة. شلل النوم مثلاً، وهو الشعور بالشلل بينما أنت مدرك لكل ما يحيط بك، تم تسجيله عند 40% من الناس ويرتبط بهلوسات شبيهة بالأحلام والشعور وكأنك تطفو فوق جسدك.
وجدت دراسة عام 2005 أنه يمكن إثارة الخروج من الجسد بتحفيز التقاطع الصدغي/جداري في الدماغ، وهذا يقترح أن اللبس في المعلومات الحسية قد يغير طبيعة إدراك الشخص لجسده.
تجربة الاقتراب من الموت
المصابون بمرض باركنسون يرون أشباحاً ووحوشاً. أنت تتسائل الآن ”لماذا“؟
حسناً، مرض باركنسون يحصل بسبب خلل في وظائف الدوبامين وهو ناقل عصبي يستطيع إثارة الهلوسات.
وعندما يتعلق الأمر بإعادة استحضار بعض اللحظات في حياتك فالمسؤول عن هذه الظاهرة نواة في الدماغ والتي تقوم بإفراز هرمون النورأدرينالين، وهو أحد هرمونات التوتر التي تفرز بكميات كبيرة عند التعرض لصدمة. النواة نفسها مرتبطة بشكل وطيد بمناطق أخرى مسؤولة عن العواطف والذاكرة.
بالإضافة لما ذُكر، فإن استخدام بعض العقاقير الطبية والمخدرة يسبب نشوة تحاكي تلك اللي تحصل في تجارب الاقتراب من الموت. مثلا العقار ”كيتامين“ المستخدم في التخدير يحفز تجربة الخروج من الجسد والهلوسة عن طريق تأثيره على المركبات الأفيونية الموجودة في الدماغ، هذه المركبات عادةً ما تنشط عندما تكون الحيوانات معرضة للهجوم، ما يدل على أن التعرض لصدمة تحفز هذا الجانب من تجربة الاقتراب من الموت.
وأخيرا، أحد أشهر جوانب الاقتراب من الموت هو عبورك خلال نفق نحو ضوء ساطع. بالرغم من أن السبب ما زال غير واضح لكن رؤية النفق (فقدان الرؤية الطرفية) يمكن حصولها عندما يقل وصول الدم والأكسجين إلى العين، وقد يحدث ذلك في حالتي الخوف الشديد وفقدان الأكسجين وكلاهما شائعتان عند الموت.
”إجمالاً… الأدلة العلمية تقترح أن جميع خصائص تجارب الاقتراب من الموت مبنية على انحراف في وظائف الدماغ الطبيعية“.
هذه النتائج التي توصلت لها الأبحاث ”تزودنا بأدلة علمية لظاهرة طالما اعتُقد أنها تقع ضمن الخوارق“. يقول مابز:
أنا شخصياً أؤمن أن فهم عملية الموت يستطيع جعلنا أكثر تفهماً مع هذا الجزء المحتم من الحياة
نهاية لا بد من الإشارة لأهم عائق قد يواجه مزيداً من البحوث في هذه الظاهرة وهو حسب عالم الأعصاب المعرفي ”أولاف بلانك“ من معهد الاتحاد السويسري للتكنولوجيا؛ الحاجة لتحليل ودراسة الأشخاص على نحو تجريبي. بلانك درس ظاهرة الخروج من الجسد، ويقول:
خلال عملنا رأينا أنه يمكن فعل هذا لظاهرة الخروج من الجسد فلم لا يمكن فعله لأحاسيس تجارب الاقتراب من الموت؟
والآن، ألا تبدو لك تجربة الاقتراب من الموت مسلية إلى حدٍّ ما؟ ولو حالفك الحظ ومررت بها فلا داعي للخوف فالدوبامين يعبث معك قليلاً. استمتع بالرحلة فربما كانت هذه التجربة هي ما تحتاج لتشعر بأنك ما زلت على قيد الحياة.