روايات عربية
تحميل رواية إيبولا – محمد دالاتي
تحميل رواية إيبولا
تحميل رواية إيبولا – محمد دالاتي
ليس هذا فحسب. الأرواح أيضاً تتلو حكاياتها. الأرواح التي تسكن البيوت وتغلق على نفسها
الباب خوفاً مما يحدث في الخارج. الأرواح التي تزور الأحياء كي تربت على أكتاف ساكنيها وتعدهم
بالأمل الغامض. ولكن طوال الوقت تذهب كي تطمئن عليهم وتشحذ همتهم بالمغادرة إلى
العالم الآخر”. ما زالت السماء كما هي مليئة بالنجوم التي تمنحنا الرحمة، وما زال
ثمة متسع من الوقت كي نعيد المعنى للحروف التي فقدت معناها في أرواحنا المتعبة
من جديد تكون مدينة حلب مسرحاً لرواية سورية جديدة. فسابقاً جاءت كمكان وفضاء عام
لأحداث روايات، تفاوتت في أهميتها ومعالجتها، كتبها كتاب مثل وليد إخلاصي وفيصل خرتش
ونيروز مالك وعمر قدور وخالد خليفة.. وآخرون. لكنها هنا تبدو مسحوقة منذ البداية وتتم
إعادة بنائها بقص وتفتيت قصص العويل والقتل والرعب والفقر بالاعتماد على أوراق الصوفية
والتراث وتدوين قصص ومعاناة الغرباء في هروبهم ولجوئهم إلى “حي السيوف” بعد حرب الخليج.
الرواية تتجول في البيوت والشوارع والحوانيت لتصل إلى القلعة والمقاهي والجوامع والسجون..
لتحكي حكايات المعذبين فيها. وتتجول في الزمن كذلك. فالزمن فيها يمتد منذ إنشاء قلعة حلب
ولحد الآن. لذلك تبدو الحكايات كأنها تبني المكان وتقوله وليس العكس. المدينة ليست فضاء
هنا لحركة الشخصيات والأحداث، وليست مكانا ً افتراضيا ً لتأليف الشخصيات والحكايات.
بل هي شخصية أساسية وحقيقية يتم تفكيكها وبناؤها وتفكيكها.. إلى ما لا نهاية.
شخصيات الرواية، لشدة ضعفها وقلة حيلتها تجاه المصائر العنيفة التي تذهب إليها راضية،
تليق بهذا المكان المسحوق تحت رائحة الدم ورائحة المصير الغريب والدموي. لذلك يبقى الشغل
الشاغل، في كتابة الرواية، هو تشييد هذا المكان كي يبدو مثل مقبرة كبيرة وقديمة، وكي
تبدو الشخصيات مثل أموات يقوم دالاتي بإنعاشها طوال وقت كتابة الرواية، وطوال وقت قراءتها.
ليس إيبولا (أو شادي العربي) هو وحده حامل الرواية التي تحاول السلطة الوصول إليه وإليها
من أجل إتلافها. وبالتالي محوها من ذاكرة المكان والشخصيات سواء المحلية المقيمة أو
الطارئة. بل يكتبها ويحملها كل شخص عاش أحداث المدينة الحقيقية والمتخيلة. أولئك الأشخاص
الذين يكتب كل واحد منها ظل الرواية… لذلك يبدو دالاتي كإحدى الشخصيات التي استطاعت
أن تنجو من الخراب ليقوم بنشرها ضد النسيان وضد مَن كان سبباً في ذلك الخراب